mardi 6 août 2013

مجزرة الشعانبي : معطيات من مسرح الجريمة قد تكشف هويّة “الارهابيين”

مازال الشارع التونسي يعيش على وقع صدمة مجزرة الشعانبي التي راح ضحيّتها ثمانية عسكريين مع تسجيل اصابات متفاوتة الخطورة لدى ثلاثة آخرين من مختلف الرتب العسكرية.
وتلوح مجزرة الشعانبي الأخيرة مختلفة تماما عن أحداث العنف السابقة التي كانت منحصرة في تفجير ألغام يدوية الصنع دون حصول أيّة واقعة اشتباك مباشر بين القوّات المسلّحة و العناصر الارهابية مجهولة الهويّة التي لم يتمّ في أيّ مرحلة من مراحل مسار العنف في الشعانبي الكشف عنها أو الاهتداء الى وجودها المادّي من عدمه في شتّى أرجاء محمية الشعانبي.
و بالرغم من اعلان المحميّة منطقة عسكرية مغلقة يُمنع دخولها أو حتّى مجرّد الاقتراب منها الاّ انّ دويّ الانفجارات ظلّ محافظا على نسقه التصاعدي ما أعطى انطباعا عامّا بأنّ ما يحدث في الشعانبي ليس بمنأى عن طبيعة الازمات الناجمة عن الحراك السياسي في البلاد.
وتميّزت مجزرة الشعانبي بدخول معطيات جديدة على خطّ التحليل حيث تطوّرت المواجهة من مستوى الألغام الفجائية الى نصب الكمائن بشكل محترف لا يقدر عليه الّا من له شبكة معلومات موثوقة ودقيقة تمدّه بخارطة الانتشار العسكري في الجبل وتحيطه علما بتحرّكات الدوريات وعدد عناصرها وطبيعة الاسلحة التي تحملها.
معطيات تطرح اسئلة
بعض المعطيات الأولية التي تسنّى لنا جمعها عبر مصادرنا من موقع المجزرة تقودنا لطرح عدد من الاسئلة المتعلّقة أساسا بهويّة المجموعة الارهابية ومدى ارتباطها بالمجموعات الارهابية الدينية ذات البعد الدولي والاقليمي على غرار تنظيم القاعدة حيث تنصّل تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي عبر تسجيل صوتي تمّ بثّه سابقا على شبكة الانترنات جملة وتفصيلا من كل أحداث العنف التي تدور رحاها في جبل الشعانبي راهنا وسابقا في حين لم يعلن أيّ تنظيم دينيّ أخر تبنّيه للعملية الاخيرة أو أيّ عملية سابقة ما يضع فرضية تورّط التنظيمات الارهابية الدينية في موضع مسائلة على اعتبار أنّ هذه الاخيرة دأبت عل
ى تبنّي كلّ العمليات التي تقوم بها بل والافتخار بانجازها حتى وان كانت تستهدف مدنيين.
من جهة أخرى تشير مصادرنا العسكرية الوثيقة الاطّلاع الى أنّ المعاينة الميدانية لمسرح الجريمة أسفرت عن بعض النقاط :
– آثار الرصاص على أجساد الشهداء تفيد بأنّ عملية الرمي بالرصاص تمّت من مسافة قريبة جدّا.
– مسرح الجريمة لا يوحي بوجود عملية مواجهة مسلّحة بين طرفين بل باطلاق نار من اتّجاه واحد (الارهابيون المحتملون).
– الغياب المحتمل لعملية اشتباك يوحي بأنّ المجموعة العسكرية لم تكن في حالة استعداد للقتال (عدم حمل الاسلحة / في وضع راحة و ربّما نوم).
– الغياب المحتمل لعملية اشتباك وتبادل لاطلاق نار توحي بامكانية وجود شعور أوّلي بالثقة بين الدورية العسكرية و المجموعة الارهابية.
– وجود مناخ ثقة محتمل فضلا عن العثور لاحقا على جثث الشهداء دون أسلحة أو ملابس عسكرية يوحي بأنّ المجموعة الارهابية ربما تكون مرتدية – خلال تنفيذ العملية – لملابس عسكرية رسمية ما تسبّب في خداع العسكريين.
– أو ربّما كانت بصدد ارتداء ملابس رسمية تابعة لفصيل مسلّح رسمي آخر تابع لاجهزة الدولة.
وفي سياق متّصل تؤكّد مصادرنا المووثقة بأنّ معاينة الحالة التي وُجدت عليها جثث الشهداء تؤكّد بما لا يدع مجالا للشكّ بأنّ مجموعة الارهابيين كانت قد تمتّعت بوقتها الكافي وكانت تشتغل بأريحية وتشعر بالأمان أثناء تنفيذ مجزرتها استنادا الى هذه النقاط :
– المجموعة الارهابية نفّذت جريمتها وتسنّى لها ان تفخّخ المكان من خلال زرع الألغام والمغاردة دون أن تسقط بين أيدي الدوريات العسكرية الأخرى التي التحقت بالجبل فور وصول النبأ.
– المجموعة الارهابية وجدت الوقت الكافي والشعور بالطمأنينة ما أتاح لها نزع ثياب العسكريين بعد قتلهم والتنكيل بجثثهم وسرقة أسلحتهم ومعدّاتهم ومن ثمّ المغادرة بأمان.
وكي نحوصل كلّ هذه المعطيات يمكن القول بأنّ المجموعة الارهابية تمكّنت من قتل كلّ عناصر الدورية رميا بالرصاص وتفخيخ المكان وسلبهم ملابسهم واسلحتهم ومغادرة المكان دون ان تسجّل أيّ خسائر بشرية في صفوفها ما يعني ضمنيا أنّها لم تواجه أيّ مقاومة من المجموعة العسكرية التي صعدت للجبل أصلا لمواجهة الارهاب

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire