ينبغي للحكومة الانتقالية أن تفتح تحقيقا
(تونس، 29 يناير/كانون الثاني، 2011) - قالت هيومن رايتس ووتش اليوم ينبغي للحكومة الانتقالية في تونس أن تجعل من التحقيق في عمليات قتل المتظاهرين على أيدي قوات الأمن التونسية، بداية يناير/كانون الثاني 2011 ، أولوية مستعجلة.
وقالت هيومن رايتس ووتش، إن قوات الأمن التونسية استخدمت القوة المفرطة في قمع المظاهرات في مدن القصرين وتالة، الوسط الغربي، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 21 شخصا في هاتين المدينتين وحدهما، ما بين 8 و 12يناير/كانون الثاني، بالذخيرة الحية حسب ما توصلت إليه هيومن رايتس ووتش.
وقال إيريك غولدستين، نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "إن الأمور تتحرك بسرعة في تونس، ولكن لا يمكن انتظار معرفة الذين فتحوا النار على المتظاهرين ولماذا." وأضاف: "ينبغي تحديد الوحدات والقادة المسؤولين عن عمليات القتل غير القانونية هذه على ما يبدو ومحاسبتهم".
وقالت هيومن رايتس ووتش هناك حكومة انتقالية منذ فرار الرئيس زين العابدين بن علي من البلاد يوم 14 يناير/كانون الثاني. وقد أعلنت الحكومة الانتقالية إنشاء لجنة للتحقيق وتحديد المسؤوليات عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ارتُكبت منذ أن اندلعت الاحتجاجات القوية. وقد اندلعت الاحتجاجات بعد أن أحرق محمد البوعزيزي نفسه، وهو بائع متجول، في 17 ديسمبر/كانون الأول في سيدي بوزيد، على بعد 70 كيلومترا شرق القصرين. وأخبرت عائلات الضحايا هيومن رايتس ووتش بأنها لم تتلق أي نوع من الاتصال من من أية جهة رسمية إلى حين كتابة هذه السطور .
القصرين وتالة هما مدينتان فقط من بين العديد من المدن التي فتحت فيها قوات الامن النار على المحتجين. فقد توفي آخرون في تونس العاصمة، ومنزل بوزيان، ودوز، والرقاب، وبنزرت وجرجيس، وأماكن أخرى. وذكر وزير الداخلية في الحكومة الانتقالية، أحمد فريعة، في 17 يناير/كانون الثاني أن 78 شخصا قتلوا وأصيب 94 آخرين خلال أسابيع من الاحتجاجات التي ساعدت على إرغام زين العابدين بن على مغادرة منصبه. واستنادا إلى التقارير التي تم جمعها من مدن في مختلف أنحاء البلاد، فإنه يمكن افتراض بكل ثقة، أنّ الغالبية العظمى من الـ 78 قد توفوا بنيران الشرطة.
القصرين وتالة
حققت هيومن رايتس ووتش من 19 إلى22 يناير/كانون الثاني في حالات القتل التي وقعت في تالة والقصرين ما بين 8 و12 يناير/كانون الثاني، وأجرت مقابلات مع شهود عيان، وأطباء ومحامين وعائلات الضحايا، وزارت مسارح إطلاق النار والمستشفيات. ولم يواجه الباحثون عقبات في تحركاتهم ووجدوا الناس على استعداد للحديث.
تكبدت القصرين أكبر عدد من الوفيات مقارنة مع أية مدينة أخرى في تونس خلال الاحتجاجات. وفقدت تالة وعدد سكانها حوالي 35000، أكبر عدد من المواطنين مقارنة مع أية مدينة أخرى من حجمها. وتقع المدينتان في ولاية القصرين، حيث معدل البطالة أعلى بكثير من المعدل الوطني.
عدد الأشخاص المصابين غير معروف. وقال قسم العظام بمستشفى القصرين إنه استقبل 34 مريضا يتلقون العلاج على إثر جروح بأعيرة نارية، ولكن بعضهم قد يكون أتى من مدن أخرى غيرالقصرين وتالة، بينما آخرين ذوي الجروح السطحية ربما لم يأتوا إلى المستشفى لتلقي العلاج. وأفاد مستشفى تالة أن 14 شخصاً يتلقون العلاج على إثر جروح بأعيرة نارية غير مُميتة.
ولم تُحقق هيومن رايتس ووتش بعد في عمليات القتل في أماكن أخرى من البلد.
جاءت أحداث القصرين وتالة وفق أنماط متماثلة. ولم تسمح السلطات أبدا ببساطة، تحت قيادة الرئيس زين العابدين بن علي، بالمظاهرات الاحتجاجية. وبموجب القانون، تحتاج التجمعات في الشوارع إلى إذن من السلطات التي عادة ما ترفض منحه لأولئك الذين لهم مطالب سياسية واقتصادية. و بعد حادثة إحراق النفس في سيدي بوزيد، اندلعت مظاهرات "غير مصرح بها" في مختلف المدن، واجهت قمع الشرطة بدرجات متفاوتة.
وكان معظم المتظاهرين في تالة والقصرين من الشباب. وردد المتظاهرون شعارات جمعت بين مطالب اقتصادية وانتقاد الرئيس بن علي والذين يوجدون في السلطة. وأطلقت قوات الامن الغاز المسيل للدموع، والرصاص البلاستيكي والمطاطي، والذخيرة الحية على المتظاهرين الذين ألقوا الحجارة على قوات الأمن، وفي بعض الحالات قنابل المولوتوف. وقال شهود عيان إن إطلاق النار جاء من القوات المتمركزة سواء على الأرض أوعلى الأسطح. ولم نعلم بأي حالة استخدم فيها المتظاهرون أسلحة نارية ضد قوات الأمن.
وقال شهود عيان بشكل موحد إن الشرطة المتورطين في عمليات القتل لم يكونوا من قوات الشرطة المحلية، بل وحدات أُحضرت من مكان آخر. ووصف شهود عيان جميعاً وحدات مكافحة الشغب بكون عناصرها يرتدون الزي الأسود مع الدروع والخوذ، وهي وحدات معروفة باسم "بوب" (وحدات النظام العام)، ولكنهم افترضوا أيضا أن يكون الذين فتحوا النار - الذين أشاروا إليهم على أنهم "قناصة" - قد أتوا من وحدات خاصة أخرى.
لم يكن من الممكن إعادة تركيب التسلسل الدقيق للأحداث في كل مظاهرة أصاب فيها الشرطة المتظاهرين برصاصة قاتلة. ومع ذلك، تشير الأدلة بقوة إلى أن الشرطة استخدمت القوة المميتة في الحالات التي لا يمكن تبريرها من الناحية القانونية.
لقراءة المزيد ، يرجى الرجوع إلى أدناه:
لمزيد من المعلومات، يرجى الاتصال:
في تونس، إريك غولدستين (الإنجليزية والفرنسية): goldstr@hrw.org
؛ (خلوي)، أو في تونس، دانييل ويليامز (الإنكليزية والإسبانية والإيطالية) williad@hrw.org
(خلوي)، أو في تونس، إبراهيم الأنصاري (عربي) maghreb@hrw.org
، أو (خلوي)، أوالإطار القانوني
القواعد الدولية لاستخدام القوة المميتة من طرف الموظفين المكلفين بتنفيذ القانون؛ كما هو مدون في مدونة قواعد سلوك الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة، والمبادئ الأساسية بشأن استخدام القوة والأسلحة النارية من جانب الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون. يقول المبدأ 9 من المبادئ الأساسية إنه لا يجوز للموظفين استخدام
الأسلحة النارية ضد الأشخاص إلا في حالة الدفاع عن النفس أو الدفاع عن الآخرين ضد تهديد وشيك بالموت أو الإصابة الخطيرة، لمنع ارتكاب جريمة بالغة الخطورة تنطوي على تهديد خطير للحياة، وللقبض على شخص يُشكل مثل هذا الخطر ويقاوم سلطتهم، أو لمنع هروبه، وفقط عندما تكون الوسائل الأقل تطرفا غير كافية لتحقيق هذه الأهداف. وعلى أية حال، لا يجوز استخدام الأسلحة النارية القاتلة عن قصد إلا عندما يتعذر تماما تجنبها من أجل حماية الأرواح.
وتشيرالأدلة التي جمعتها هيومن رايتس ووتش إلى أن قوات الأمن قد تكون انتهكت القانون التونسي، الذي يُعدد الخطوات التي يجب أن تتخذها قوات الأمن قبل إطلاق النار مباشرة على المتظاهرين الذين يرفضون التفريق. ذلك المبدأ هو أيضا جزء من المعايير الدولية: تنص المبادئ الأساسية للدولة:
في الظروف المنصوص عليها في المبدأ 9، ينبغي للموظفين المكلفين بإنفاذ القانون التعريف بأنفسهم على هذا النحو وتوجيه تحذير واضح على عزمهم على استخدام الأسلحة النارية، مع ما يكفي من الوقت لمراعاة التحذير، ما لم يكن ذلك على نحو غير ملائم من شأنه أن يجعل المسؤولين عن إنفاذ القانون معرضين للخطر أو من شأنه أن يخلق مخاطر الموت أو الأذى الجسيم لأشخاص آخرين، أو من شأنه أن يكون غير مناسب بشكل واضح أو دون جدوى في ملابسات الحادث.
يُنظم قانون تونس بمقتضى الفصلين 20-22 من قانون عدد 4 لسنة 1969 مؤرخ في 24 جانفي 1969
المتعلق بالاجتماعات العامّة والمواكب والاستعراضات والمظاهرات والتجمهر، استخدام الأسلحة النارية من جانب الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون، حيث تنص على أنهم قد يلجأون إليها فقط إذا لم تكن هناك أية وسيلة أخرى للدفاع عن "المكان الذي يحتلونه أو المنشآت التي يحمونها أو المراكز أو الأشخاص الذين عهد إليهم بحراستهم أو إذا كانت المقاومة بكيفية يستحيل التغّلب عليها بصفة أخرى إلا باستعمال الأسلحة".
إذا رفض المتظاهرون "التفريق" على الرغم من التحذيرات التي أعطيت لهم، على أعوان إنفاذ القانون اتباع الإجراءات التالية من أجل تفريقهم:
1) الرش بالماء أو المطاردة بالعصي
2) الرمي بالقنابل المسيلة للدموع
3) طلق النار عموديا في الفضاء لتخويف المتجمهرين
4) طلق النار فوق رؤوس المتجمهرين
5) طلق النار صوب أرجلهم
وفقط إذا "عمد المتجمهرون إلى بلوغ مقاصدهم بالقوة رغم استعمال جميع الطرق المنصوص عليها
بالفصل 21" آنذاك "أعوان الأمن يطلقون عليهم النار مباشرة".
لدى القانون التونسي معيار أدنى من مدونة قواعد السلوك، بشأن الظروف التي يمكن استخدام القوة المميتة في ظلها. في حين أن مدونة السلوك تنص على أنه "لا يجوز استخدام الأسلحة النارية القاتلة عن قصد إلا عندما يتعذر تماما تجنب ذلك من أجل حماية الأرواح"، يسمح القانون التونسي لموظفي إنفاذ القانون باستخدام القوة المميتة لحماية مواقعهم أو المباني.
قد يدافع الشرطة الذين أطلقوا النار على المتظاهرين عن أنفسهم من اتهامات جنائية من خلال التذرع بالفصلين 39-42 من المجلة الجزائية، اللذين يُعفيان مرتكب جريمة قتل إذا ارتكبها للدفاع عن حياة أو بفضل حكم من أحكام القانون أو بأمر صادر عن سلطة مسؤولة.
ولم تعمل الشرطة في معظم الأحيان حتى على الالتزام بمقتضيات القانون التونسي فيما يتعلق باتباع الاجراءات المتدرجة وغير القاتلة التي حددها القانون قبل فتح النار باتجاه أجزاء من أجسام المتظاهرين، استنادا الى شهادات جمعتها هيومن رايتس ووتش. وهذا يتضمن شهادات من شهود عيان قالوا إن أعوان الشرطة أطلقوا النار عليهم بدون تحذير، وكذلك أدلة طبية تُفيد أن العديد من المتظاهرين تلقـّوا طلقات نارية في الظهر أو في الرأس.
وقالت هيومن رايتس ووتش هناك إذا أدلة شرعية على أن أفراد قوات الأمن مسؤولون إما عن ارتكاب جرائم القتل غير المشروع أو عن إعطاء الأوامر بتنفيذها. هذه الحالات من اختصاص السلطة القضائية للتحقيق والمقاضاة إذا استدعى الأمر.
إنشاء لجنة للتحقيق في الأحداث
عين رئيس الوزراء محمد الغنوشي توفيق بودربالة، الرئيس السابق والرئيس الشرَفي الحالي للرابطة التونسية لحقوق الإنسان، لترؤس لجنة للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبت منذ بدء الاحتجاجات في 17 ديسمبر/كانون الأول. وإلى حدود 27 يناير/كانون الثاني، لم تصدر الحكومة النظام الأساسي للجنة، لذلك ليس من المعروف ما إذا كان لديها القدرة على استدعاء الشهود أو الوثائق، أو ما إذا كان يمكنها منح الحصانة للأشخاص الذين يدلون بشهاداتهم أمامها.
ومع ذلك، ذكر بودربالة في مقابلة مع هيومن رايتس ووتش في 26 يناير/كانون الثاني، أن أولويات اللجنة تتضمن:
تسليط الضوء على سبب وكيفية لقي أشخاص حتفهم خلال الاحتجاجات، ودراسة سلوك الشرطة، واحتمال تورط القناصة وميليشيات الحزب والحرس الرئاسي. نريد تحديد ما إذا احترمت الشرطة القانون [لعام 1969] المتعلق بالتجمعات العامة، ومن الذي أعطى الأوامر بإطلاق النار بالذخيرة الحية، ولماذا فعلوا ذلك؟
وتعهد بودربالة بجعل اللجنة مفتوحة أمام الضحايا والشهود في جميع أنحاء البلاد. وقال ان اللجنة سوف تجعل نتائج تحقيقاتها علنية، وستُقدم توصيات فيما يتعلق بالقضايا التي يجب أن تُعرض أمام محكمة جنائية أو إصلاحية.
قالت هيومن رايتس ووتش إن لجنة التحقيق يمكن أن تلعب دورا هاما في تحديد حقيقة ما حدث خلال أيام الاحتجاجات التي أردت الشرطة خلالها عشرات التونسيين قتلى وتحديد المشاكل الأوسع نطاقا في الشرطة والمساءلة التي ستحتاج للتصحيح. وقالت هيومن رايتس ووتش إنها توفر فضاء للضحايا الجزعين والعائلات الثكلى الذين يريدون أن يوردوا رواياتهم، وأن تُدمج في التقرير الوطني. ومع ذلك، قالت هيومن رايتس ووتش، ينبغي على السلطات التونسية أن تُوضح أن مثل هذه اللجنة ليست بديلا عن التحقيقات الجنائية في جرائم القتل ومحاكمة مرتكبيها عند الاقتضاء وكلـّما كان ذلك مُبررا، ولا ينبغي لها تأخير التحقيقات.
وقال غولدستاين: "ينبغي إجراء التحقيقات بسرعة". وأضاف: "هناك حاجة ملحة لتأمين الأدلة والشهود للوصول الى الحقيقة".
وقالت هيومن رايتس ووتش ينبغي على السلطات التونسية أيضا تحرير سياساتها من أجل السماح بالمظاهرات. يمكن افتراض أن السلطات تعتبر المظاهرات المناهضة للحكومة في عدة مدن بعد 17 ديسمبر/كانون الأول "غير قانونية"، لأن المشاركين لم يُخطروا رسمياً السلطات مُسبقا بفترة تتراوح ما بين ثلاثة وخمسة عشر يوما، كما تقتضيه الفصول 2 و9 و10 من قانون 1969 المتعلق بالتجمعات العامة. وقالت هيومن رايتس ووتش، في الحقيقة تجاهل المشاركون هذا القانون، فهم فعلوا ذلك لأنهم يعرفون بأن السلطات خلال رئاسة بن علي لم تسمح عمليا بأية مظاهرات مناهضة للحكومة. في حين أن القانون يبدو ليبراليا في اشتراط مجرد "إشعار" بدلا من "إذن مسبق" ، فإنه يخول أيضا السلطات في المادة 12 "منع أي مظاهرة قد تهدد النظام و الأمن العامين". ويشترط أيضا على المنظمين في المادة 10 إبلاغ السلطات مقدما عن اللافتات والأعلام التي ينوون عرضها في المظاهرة.
وقالت هيومن رايتس ووتش إن معيار "يهدد النظام و الأمن العامين" فضفاض للغاية، ويفتح الباب أمام كل أنواع القيود التعسفية على الحق في التظاهر. ينبغي للمُشرعين التونسيين أن ينظروا إلى مراجعة هذا القانون عبر البدء بضمانة عامة للحق في التجمع السلمي، وتحديد معايير دقيقة ومحددة ومعقولة يمكن للسلطات اعتمادها لمنع مظاهرة، ويمنح المنظمين آلية سريعة وعادلة ومستقلة عن السلطات الإدارية، للطعن في المنع المفروض على مظاهرة.
توصيات إلى الحكومة التونسية
- ضمان أن يُجري القضاء تحقيقات مستقلة وسريعة وشاملة في كل حادثة قًتلت فيها قوات الأمن متظاهرين غير مسلحين خلال الاضطرابات التي سبقت مغادرة الرئيس زين العابدين بن علي. ينبغي أن تهدف مثل هذه التحقيقات إلى تحديد هوية أي عون قتل مواطنين بالرصاص في انتهاك للقانون التونسي، والوحدة التي كان ينتمي إليها العون، والقائد الذي أعطى الأوامر بإطلاق النار أو سمح بأن تقع مثل هذه الحوادث. عندما يتم العثور على أدلة كافية عن قتل غير قانوني محتمل، ينبغي توجيه الاتهام للطرف المشتبه به ومُحاكمته وتمكينه من محاكمة عادلة ومعاقبته إذا ثبتت إدانته.
- التماس والترحيب بمساعدة الهيئات المحلية والدولية القادرة على توفير المساعدة أو النصيحة في إجراء تحقيقات في عمليات القتل، نظرا للحالة المؤسسية الاستثنائية التي تجد تونس نفسها فيها.
- اتخاذ التدابير اللازمة للحفاظ على حالة جميع الأدلة والسجلات التي قد تلقي الضوء على المسؤولية المباشرة وعن طريق الأمر بإطلاق النار المميت والظروف التي حدثت خلالها.
- ملاءمة القوانين المحلية التي تُحدد متى يُمكن للموظفين المكلفين بإنفاذ القانون إطلاق الذخيرة الحية ضد المتظاهرين مع المعايير الدولية من خلال الحد من جواز استخدام الأسلحة النارية للحالات التي "لا يمكن تجنبها إطلاقا من أجل حماية الأرواح".
- ملاءمة القوانين المحلية التي تُنظم الحق في عقد التجمعات العامة والمظاهرات مع الحق في التجمع الذي يكفله القانون الدولي لحقوق الإنسان، عن طريق: ضمان الحق الأساسي في التجمع السلمي وإعطاء السلطات صلاحيات مُحددة ودقيقة فقط لمنع المظاهرات؛ ومُطالبة السلطات بتقديم شرح مُفصل عندما تمنع مظاهرة، وضمان آلية إجراءات طعن سريعة ومستقلة بالنسبة لمنظمي المظاهرات التي منعتها الادارة.
توصيات إلى لجنة التحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتُكبت منذ بدأت الاحتجاجات يوم 17 ديسمبر/كانون الأول:
- تيسير الوصول إلى اللجنة بالنسبة لعائلات الضحايا والضحايا والشهود وغيرهم ممن يمكنهم أن يُقدموا أدلة على استخدام مُحتمل للقوة المفرطة من جانب الشرطة خلال الاحتجاجات.
- توفير جميع المعلومات التي تم جمعها والتي من شأنها أن تساعد القضاء على تقديم الجناة المزعومين إلى المحاكمة.
- وضع توصيات بشأن مراجعة القوانين التي تُنظم استخدام القوة من جانب الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون للتحكم في مظاهرات، وبشأن التدريب، والإجراءات التنفيذية، والانتشار، والمعدات، لضمان أن الوكالات التونسية لإنفاذ القانون تعمل بضبط النفس في حالات مكافحة الشغب وأنها تخضع للمساءلة عندما تستخدم القوة بشكل غير قانوني.
تالة
بدأت احتجاجات الشوارع في تالة، على بعد 40 كيلومترا شمال القصرين، على أساس شبه يومية يوم 3 يناير/كانون الثاني، وهو اليوم الذي عاد فيه الطلاب للدراسة بعد عطلة الشتاء. وقال سكان لهيومن رايتس ووتش إن الشرطة ردت خلال الأيام الأولى باستعمال الغاز المسيل للدموع والضرب وإطلاق أعيرة نارية في الهواء. لكنهم، ومع ذلك، لم يقتلوا أو يجرحوا أي شخص بالذخيرة الحية.
كل هذا تغير في مساء يوم 8 يناير/كانون الثاني، عندما قتلت الشرطة بالرصاص خمسة أشخاص. وقتلوا السادس في 12 يناير/كانون الثاني، قبل أن يُغادروا المدينة ويتم استبدالهم بالجيش.
وشملت احتجاجات يوم 8 يناير/كانون الثاني مُظاهرات مستمرة ورميا بالحجارة على الشرطة في الشارع الرئيسي للبلدة، شارع الحبيب بورقيبة، حيث توجد المباني الحكومية. وقال المشاركون إن الشبان ألقوا الحجارة ثم اندفعوا بعد ذلك نحو الأزقة التي تتقاطع مع الشارع الرئيسي. وأكد الشهود والمشاركون على نطاق رمي الحجارة على الشرطة ولكن لم يذكر أحد استخدام قنابل المولوتوف الحارقة أو أجهزة أخرى.
وقالت شريفة بنت عمار بلعابي، 35 عاما، شقيقة أحمد بن عمار بلعابي، وهو عامل يومي من مواليد سنة 1978، إنه انضم إلى مظاهرة في ذلك اليوم من أجل الحق في العمل.
وقالت إن الشرطة اطلقت الغاز المسيل للدموع أولا باتجاه المحتجين على شارع بورقيبة. حذرهم بعد ذلك القائد المسؤول، الذي تعرفت عليه وأيضا أحد السكان على أنه يوسف عبد العزيز، من أجل التفريق. وقالت إنه عندما رفض المتظاهرون، أمر قواته بإطلاق النار. وقالت إن بلعابي أصيب بطلق ناري حوالي الساعة 9:30 ليلا، وتوفي على الفور. الشهادة الطبية الأولية الصادرة عن مستشفى تالة، مؤرخة في 8 يناير/كانون الثاني، تُقدم سبب الوفاة على أنه رصاصة في بطنه.
وقال رمزي السايحي (20 عاما)، وهو أحد الشهود، إن أعوان الشرطة واصلوا إطلاق النار على المتظاهرين الذين حاولوا نقل الجرحى من الشوارع. كانت الشرطة ترتدي الزي الأسود، بعضهم كان في الشوارع، والبعض وراء النوافذ وفوق الأسطح. أصابت رصاصة السايحي واخترقت فخذه. واستطاع الهروب بعيدا وهو يعرج والحصول على العلاج أولا في تالة ثم في مستشفى القصرين.
وقال السايحي إن الشرطة أطلقت الرصاص المطاطي في بعض الأحيان، وبالتالي استمر المحتجون في التظاهر وإلقاء الحجارة حتى اكتشفوا أن الذخيرة الحية يتم استخدامها. وقال إن الشرطة قتلت بالرصاص رجلا آخر، مروان جملي، خلال المظاهرة ذاتها.
وكان أشرف إبراهيم السويقي، 27 عاما، وهو نادل، من بين العديد من سكان تالة الجرحى في ذلك اليوم بنيران الشرطة. أصيب بعيار ناري في الفخذ خلال احتجاج المساء ، فوصل إلى المنزل الذي حاول شبان أخذ جثة الجملي أيضا. عالج السويقي إصابته في منزل خاص لأنه خشي أن يتم اعتقاله إذا ذهب إلى المستشفى.
وقال أحمد عمري، 22 عاما،وعاطل عن العمل، إن الشرطة أطلقت النار على شقيقه محمد عمري، وهو طالب في المدرسة الثانوية 16مولود في سبتمبر/أيلول 1991، بينما كان في موكب من حوالي 20 شخصا يحملون جثة الجملي عائدين من المستشفى ليلة 8 يناير/كانون الثاني. وقال أحمد عمري إن الموكب كان شعائريا ولم يرم الرجال المرافقين للجثة أي شيء. وقال إنه وخلال مرور الموكب من شارع بورقيبة بالقرب من مركز الشرطة، أطلق "قناصة" النار عليهم دون سابق إنذار. وقال إن الشبان وضعوا الجثة على الأرض وفروا للاختباء. وتشير شهادة وفاة محمد عمري إلى أنه توفي بسبب "جرح خطير في البطن ناجم عن سلاح ناري". ويشير تقرير قسم الطب الشرعي بمستشفى القصرين إلى أن به جرحا على شكل ثقب في أسفل البطن، وجرحا على شكل ثقب في الظهر.
وقال أحمد عمري إن مهيمن عوري ومعز قماطي أصيبا أيضا في نفس الحادث. وخُدش عوري، من مواليد 1 مايو/أيار 1989، بعيار ناري في ظهره، وأصيب قماطي مرتين في ساقه.
وقتلت الشرطة رجلين من تالة آخرين بالرصاص في ليلة 8 يناير/كانون الثاني: غسان بن الطيب الشنيتي، مولود في سبتمبر/أيلول 1991، وياسين بن حمادي رطيبي مولود في يونيو/حزيران 1993. وجاء في تقرير قسم الطب الشرعي بمستشفى القصرين أن سبب الوفاة كل من الرجلين هو رصاصة في الظهر.
وأفاد مستشفى تالة عن علاج ما مجموعه 13 شخصا، من بينهم مهيمن عوري، بسبب إصابات بطلقات نارية غير مميتة في ليلة 8 يناير/كانون الثاني وفي الصباح الباكر من يوم 9 يناير/كانون الثاني. وكان معظم هذه الإصابات في الساقين أو القدمين.
وكان وجدي السايحي، 28 عاما، حاصل على دبلوم في الميكانيك ولكن عاطل عن العمل، الضحية السادسة والأخيرة التي توفيت في تالة. أصيب في 12 يناير/كانون الثاني، بعيار ناري في تقاطع الشارع الذي يسكن فيه وشارع بورقيبة. وقال شقيقه، فتحي السايحي، (41 عاما) ومدرس بروضة أطفال،
كانت هناك مظاهرة في شارع الحبيب بورقيبة ذلك الصباح. وحوالي الساعة 11:45، سمعت بعض طلقات النار - أكثر من 10 طلقات. خرج الجميع لمعرفة ما يحدث. فوجدت أخي ملقى في الشارع. وضعت ضمادة على ساقه وأخدته إلى المستشفى في تالة. نقلته سيارة إسعاف نحو الكاف، [مدينة أكبر في الشمال]، ولكنه مات في الطريق.
ويفيد التقرير الطبي من مستشفى تالة، مؤرخ في 17 يناير/كانون الثاني، أن رصاصة مزقت شريان السايحي في الفخذ، مما تسبب في نزيف مميت.
القصرين
في القصرين، التي يبلغ عدد سكانها حوالي 100 ألف نسمة، أجمع السكان الذين تحدثوا إلى هيومن رايتس ووتش أن الشرطة بدأت إطلاق النار يوم 8 يناير/كانون الثاني على الرغم من أن المظاهرات المناهضة للحكومة كانت قد بدأت في 4 يناير/كانون الثاني، عندما نظم المحامون مسيرة احتجاجية. وأخبر المحامي علي غرسلي من القصرين هيومن رايتس ووتش أن ذاك اليوم كان المرة الأولى التي ظهرت فيها شرطة مكافحة الشغب بالخوذ والدروع في شوارع المدينة.
جمعت هيومن رايتس ووتش معلومات عن 15 شخصاً في القصرين قُتلوا بنيران الشرطة بين 8 و 10 يناير/كانون الثاني. وقال بعض المحامين والناشطين في القصرين إن رقم القتلى أعلى من ذلك.
في 7 يناير/كانون الثاني، انتشرت أخبار تُفيد أن رجلاً أضرم النار في نفسه في القصرين. تم نقله إلى المستشفى لتلقي العلاج في صفاقس لكنه لم ينج. أعيدت جثته إلى القصرين يوم 8 يناير/كانون الثاني.
في 7 يناير/كانون الثاني، أضرم شبان محليون النار في مباني البلدية ومكاتب التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم، ربما رداً على الأنباء عن التضحية بالنفس. منذ ذلك التاريخ، واجهت الشرطة المظاهرات، وإلقاء الحجارة، واضطرابات متفرقة في مناطق مختلفة من المدينة، لا سيما في وسط المدينة، وحي الزهور وحي النور الفقيرين.
ومثلما كان الأمر في تالة، لم تفتح قوات الأمن النار على المتظاهرين بالذخيرة الحية قبل 8 يناير/كانون الثاني. غير أن المتظاهرين الذين تجمعوا مرة أخرى في ذلك المساء في عدة مناطق من المدينة وجوبِهوا لأول مرة ليس فقط من قبل شرطة مكافحة الشغب ولكن أيضاً من قبل أعوان، الذين وقفوا بين الشرطة وعلى أسطح المنازل وأطلقوا النار على المتظاهرين- أسماهم الشهود بـ "القناصة". كانوا يرتدون أيضا زياً أسودا، لكنه لم يكن من الممكن تحديد ما إذا كانوا ينتمون إلى وحدات مكافحة الشغب أو إلى قوى أمنية أخرى. قال سكان من القصرين أنه قد استقدمت هذه القوات من أجزاء أخرى من البلاد، لأنهم لم يتمكنوا من التعرف عليهم، ومن لهجاتهم.
في حي فقير من أحياء القصرين يعرف باسم حي النور، أفاد شهود عيان أن صلاح دشراوي كان من بين أول المحتجين الذين قتلوا، ذو الـ 19 عاماً والذي يعمل كبائع على منصة فواكه. قالت والدته إنه غادر منزله ليلة 8 يناير/كانون الثاني للذهاب إلى منصته بالقرب من ملتقى الطرق ملتقى برج الساعة، في نهاية شارع حسين زروق، الشارع الذي يقسم حي النور. في وقت لاحق، جاء فتيان وأخبروا والدته بأنه تم إطلاق النار على دشراوي. قالت الأم، رباح البريكي، إنها ذهبت إلى مستشفى القصرين، حيث استرجعت جثة ابنها. ويقول تقرير الطب الشرعي الصادر عن المستشفى أن دشراوي قد توفي بسبب "جرح في البطن من سلاح ناري".
كما عرضت البريكي سترة تحمل ثقباً في الجزء الخلفي من الجانب الأيسر. وقالت إن الرصاصة اخترقت بطنه وخرجت من الظهر.
وقال سيف الدين الزرقي، 21 عاماً، وهو نجار عاطل عن العمل، إنه شهد إطلاق النار على دشراوي وعلى رؤوف بن حماد بوزيدي، وهو ميكانيكي من مواليد أبريل/نيسان 1982. وقال الزرقي إن مئات المتظاهرين تجمعوا لـ "المطالبة بحقوقنا" ورموا الحجارة على شرطة مكافحة الشغب. وقال الزرقي إنهم حاولوا اختراق كتيبة من الشرطة مزودة بالدروع كانت تسد الشارع الرئيسي. وقال إن الشرطة استخدمت الغاز المسيل للدموع ورد المتظاهرون بالحجارة. وقال الزرقي إن المواجهة وسط الساحة العامة وحولها استمرت نحو 3 ساعات. في مرحلة ما، سمع دوي إطلاق نار وسقط دشراوي. حاول بوزيدي رفع دشراوي من الأرض، فأصيب برصاصة في صدره.
وقال الزرقي إن مطلقي النار كانوا متمركزين فوق مبنى بنك الزراعة (البنك الفلاحي) وفندق السلام، على بعد أقل من 100 متر من ملتقى الطرق.
وقال والد بوزيدي، حماد بوزيدي (48 عاماً) وهو ميكانيكي، إن ابنه غادر للانضمام للمظاهرة حوالى الساعة السادسة مساء. عند التاسعة، جاء بعض الفتيان إلى المنزل لإبلاغه بأنه قد تم قتل ابنه. عرض حماد بوزيدي تقريرا من قسم الطب الشرعي صادر في 9 يناير/كانون الثاني من المستشفى يشير إلى أن ابنه أصيب بجرح دخول الرصاصة في البطن وجرح خروج الرصاصة في ظهره. وعرض ما وصفه بثقب رصاصة في جانب سترة سوداء ارتداها ابنه في تلك الليلة. وتُؤرخ تقارير المستشفى لكل من دشراوي وبوزيدي في 9 يناير/كانون الثاني، إلا أن معظم الروايات تقول أنهما قد قتلا مساء 8 يناير/كانون الثاني.
قتلت الشرطة في 8 يناير/كانون الثاني رمزي بن الحبيب حسين برصاصة ، مواليد عام 1982، خلال اشتباك بين شبان والشرطة في وقت متأخر بعد الظهر في حي النور. في ذلك المساء، أصيبت الطفلة ذات الـ 7 أشهر، يقين كرمازي، التي تعرضت عائلتها لغاز مسيل للدموع بينما كانت تمشي في الشارع في حي النور، أصيبت بمرض وتوفيت في اليوم التالي في المستشفى. تشير شهادة الوفاة إلى أن سبب الوفاة مُرتبط بالغاز المسيل للدموع "التهاب رئوي: الغاز".
أحداث مماثلة جرت أيضاً في حي الزهور. في ليلة 9 يناير/كانون الثاني، أخبر محمد أمين مباركي، من مواليد 16 مارس/آذار 1993 وعاطل عن العمل، أخبر والده صلاح النصر مباركي، 42 عاماً، ميكانيكي، بأنه خارج لزيارة جديه. بعد بضع ساعات، أتى أصدقاء الفتى وأخبروا والد مباركي أنه قد تم إطلاق النار عليه في ملتقى برج الساعة (المنقالية). ذهب الأب إلى مستشفى القصرين، أخذ جثة ابنه إلى البيت، وغسلها ليعدها للدفن الذي كان من المقرر إقامته في اليوم الموالي.
وقال حمزة المنصوري، 20 عاماً، وهو تاجر، إن إطلاق النار بدأ يوم 8 يناير/كانون الثاني، عندما تجمع المحتجون عند ملتقى برج الساعة (المنقالية) أملاً في الزحف إلى وسط المدينة. ردد المتظاهرون هتافات تطالب بفرص العمل، ومعارضة لـ بن علي وللفساد، إضافة إلى "الله أكبر". وقال المنصوري أن الشرطة في الشارع بالقرب من مركز الشرطة استخدمت الغاز المسيل للدموع لإبقاء المتظاهرين بعيداً. بعد حوالي ساعة، بدأ إطلاق النار.
وذكر المنصوري رؤية مباركي يصاب بعيار في الرأس، لكنه لم يستطع تحديد مصدر إطلاق النار بسبب الظلام والغاز المسيل للدموع. وقال إن "قناصة" كانوا متمركزين فوق الصيدلية، والمقهى، ومركز للشرطة متاخم لملتقى برج الساعة ويقول تقرير الطب الشرعي في مستشفى القصرين المؤرخ في 20 يناير/كانون الثاني حول جثة مباركي إنه توفي في 9 يناير/كانون الثاني بعيار ناري في الوجه.
قتلت الشرطة بالرصاص عبد الباسط مختار قاسمي، 22 عاماً، يعمل في مطعم بيتزا، خلال جنازة مباركي حوالي ظهيرة يوم 9 يناير/كانون الثاني وفقاً لشقيق قاسمي، محمد مختار علي قاسمي، الذي لم يكن في القصرين في ذلك الوقت.
انضم قاسمي للموكب لدى مروره عبر ملتقى الطرق المنجيلة. كان يصنع العجين في ذلك الصباح، لكنه ترك المطعم للالتحاق بالنعش. ألقى المتظاهرون الحجارة على مركز قريب للشرطة وأطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع، ومن ثم الذخيرة الحية. بعد أن أصابت رصاصة قاسمي، نقله شبان آخرون إلى المستشفى.
وقال طارق أسودي، 23 عاماً، الذي يعمل في مطعم بيتزا مع قاسمي، إن المتظاهرين في موكب الجنازة كانوا يصيحون أولاً "لا إله الا الله"، ثم "خبز وماء، بن علي لا"، و "خبز وزيت، بن علي على الحيط". أطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع، وألقى الشبان الحجارة، بعدها فتحت الشرطة النار. وقال تقرير الطب الشرعي في مستشفى القصرين أن قاسمي أصيب بجرح دخول رصاصة في الصدر وجرح خروج الرصاصة في الخصر.
عمليات قتل متعددة حول ملتقى برج الساعة (المنقالة) في 10 يناير/كانون الثاني
أعاد سكان محليون تسمية ملتقى برج الساعة (المنقالية) في حي الزهور بـ "ساحة الشهداء" لأنها كانت مسرحاً لأكبر عدد من الإصابات في القصرين. كان يوم 10 من يناير/كانون الثاني أكثر الأيام دموية عند ملتقى الطرق، حيث قتلت الشرطة ما لا يقل عن خمسة رجال في المنطقة المجاورة.
تحيط عدد من المباني المنخفضة بملتقى الطرق، بما في ذلك المقهى والصيدلة. يقع ملتقى الطرق على منحدر. تلتقي فيه عدة شوارع بما فيها اثنان يتجهان لأعلى التل. كان موكب الجنازة من مئات المتظاهرين ينحدر ببطئ على طول في اتجاه ملتقى برج الساعة بعد ظهر يوم 10 يناير/كانون الثاني، المشاركون في المسيرة والسيارة التي تحمل جثمان محمد أمين مباركي كانوا ينحدرون ببطء نحو ملتقى برج الساعة (المنقالية). حاولت شرطة مكافحة الشغب المتمركزة على ملتقى الطرق إعادة موكب الجنازة إلى الوراء. أعقب ذلك مواجهة. أطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع على الموكب، مما اضطره إلى التراجع. نصب الشبان متاريساً من الإطارات المشتعلة في الشوارع حوالي 60 متراً أعلى الساحة، وكانوا يرتدون أقنعة لتغطية وجوههم، وألقوا الحجارة على الشرطة. وقال شاهد واحد على الأقل، هيثم غرسلي، إن الشبان ألقوا أيضاً زجاجات حارقة. وقال إن نحو 200 شاب كانوا متورطين. وقال غرسلي، 21 عاماً، وعاطل عن العمل، في مقابلة في مستشفى القصرين، حيث كان يقضي فترة علاج من جرح رصاصة، إن الشرطة فتحت النار خلال الاشتباكات التي وقعت دون سابق إنذار، مما أسفر عن مقتل عيسى قريري وجرح آخرين، بمن فيهم غرسلي نفسه، الذي كان قد أصيب بعيار ناري في الذراع. وقال إن رجال الشرطة الذين أطلقوا النار عليه كانوا على بعد 20 متراً. وقال إن الشرطة مزودة بالبنادق كانوا على أسطح المنازل في ملتقى الطرق وفي الشارع. وقال إنه يعتقد أن الرصاصة التي أصابته أطلقت عليه من قبل فرد من الشرطة في الشارع.
قتلت الشرطة بالرصاص خلال المواجهة ذاتها، محمد خضراوي، 23 عاماً، عامل في مقهى، والذي كان يعيش في حي النور. وقالت والدته زهرة ميضري،49 عاماً، إن خضراوي كان يشارك في المظاهرة قرب ملتقى الطرق المنجيلة. وقالت إنها حاولت عبثاً إقناعه بعدم الذهاب. في الساعة الثانية بعد الظهرً سمعت سيارات الإسعاف، فخرجت مسرعة، وعلمت أنه قد تم إطلاق النار عليه، ولكنه كان قد توفى عند وصولها إلى المستشفى.
وقال أحمد سايحي، وهو طالب جامعي، إن الاحتجاجات اندلعت عندما منعت الشرطة السيارة التي تقل جثمان مباركي من المرور. وقال إنه شارك إلى جانب جميع شبان حي الزهور. وقال إن "القناصة" في ساحة المنقالية كانوا قد تموضعوا فوق مقهى وعلى أسطح المباني المجاورة الأخرى.
وقالت أميرة حاثمي، 23 عاماً، طالبة، إن 200 شخصاً كانوا في الساحة. وقالت إن "القناصة" كانوا يحملون الدروع والخوذ وبنادق كلاشنيكوف. أولاً أطلقوا الغاز المسيل للدموع، ودون سابق إنذار بدأ إطلاق النار. نقل الشبان خضراوي في سيارة مدنية واقتادوه إلى المستشفى.
بعد ظهر يوم 10 يناير/كانون الثاني، أطلقت الشرطة النار وقتلت وليد سعداوي، مواليد مارس/آذار 1982، عبد القادرغضباني، مواليد 1986، وأحمد جباري، مواليد يوليو/تموز 1949. جبار الذي ورد أنه لم يكن مشاركاً في الاحتجاجات لكنه أصيب برصاصة طائشة. قتلت الشرطة بلقاسم غضباني، مواليد 1973 في اليوم نفسه. وقال تقرير الطب الشرعي في مستشفى القصرين إنه أصيب بثلاث رصاصات، بما في ذلك واحدة في الجزء الخلفي من الرقبة.
وقال المنصوري إنه بقي عند ملتقى الطرق ذلك اليوم مع العديد من الأشخاص الآخرين "يهتفون ويلقون الحجارة". وقال أن فتاة عرّفها بـ عفاف عيدودي أصيبت بعيار ناري عندما كانت تقف على مسافة 100 متر من ملتقى الطرق، ساعدها في العثور على سيارة أجرة للذهاب إلى المستشفى. السيارة الوحيدة التي عثرا عليها احتوت جثة شخص قتل في الساحة كانت أيضاً في طريقها إلى المستشفى.
وفي اليوم التالي، أصيب منصوري نفسه في كتفه الأيسر قرب العنق وقضى عشرة أيام في مستشفى القصرين للتعافي. وقال المنصوري إن الاشخاص الذين استمعوا للرماة يتحدثون أو يصرخون يعتقدون أن لهجاتهم لم تكن محلية، مما حملهم على الإعتقاد بأنه قد تم جلبهم من أماكن أخرى في البلاد.
وقالت عيدودي،20 عاماً، والتي تلقت تدريباً في الصيانة الكهربائية، إنها لم تكن تشارك في المظاهرة بل كانت تزور ابنة أخيها. توقفت للدردشة مع صديق على بعد 100 متر من ملتقى الطرق في الوقت الذي كانت جنازة مباركي تمر. لم تسمع صوت رصاصة واحدة، لكنها أصيبت بعيار ناري في الفخذ الأيسر، كسر عظم فخذها. وقالت إن المنصوري جاء لاصطحابها ومساعدتها في سيارة الأجرة التي أخذتها إلى المستشفى.
ملحق
حالات وفاة مؤكدة في تالة والقصرين
سجل قسم الطب الشرعي في مستشفى القصرين 16 حالة وفاة من الحالات أدناه. المعلومات من الـ 5 حالات الأخرى تم الحصول عليها مباشرة من خلال مقابلاتنا مع العائلات.
هذه القائمة ليست بالضرورة شاملة
- 1- ياسين رطيبي (مواليد 10 يونيو/حزيران، 1993)، قتل برصاصة في 8 يناير/كانون الثاني، تالة.
- 2- أحمد بلعابي (مواليد 1978)، قتل برصاصة في 8 يناير/كانون الثاني، تالة.
- 3- غسان شنيتي، قتل برصاصة في 8 يناير/كانون الثاني، تالة.
- 4- مروان جملي، قتل برصاصة في 8 يناير/كانون الثاني، تالة.
- 5- محمد عمري (مواليد 16 سبتمبر/أيلول، 1991)، قتل برصاصة في 8 يناير/ كانون الثاني، تالة.
- 6- وجدي سايحي (مواليد 4 سبتمبر/أيلول، 1982)، قتل برصاصة في 12 يناير/ كانون الثاني، تالة.
•7- محمد أمين مباركي (مواليد القصرين 13 مارس/آذار، 1993)، قتل برصاصة في 9 يناير/كانون الثاني، القصرين.
•8- عبد القادر غضابني (مواليد 1986)، قتل برصاصة في 10 يناير/كانون الثاني، القصرين.
•9- صالح بن محمد دشراوي (مواليد 9 أبريل/مارس، 1991)، قتل برصاصة في 8 يناير/كانون الثاني، القصرين.
•10- محمد نصري (مواليد 3 أغسطس/آب، 1989)، قتل برصاصة في 10 يناير/كانون الثاني، القصرين.
•11- محمد خضرواي (مواليد 8 مارس/آذار، 1988)، قتل برصاصة في 10 يناير/كانون الثاني، القصرين.
•12- أحمد جباري (مواليد 16 يوليو/تموز، 1949)، قتل برصاصة في 10 يناير/كانون الثاني،القصرين.
•13- وليد سعداوي (مواليد 16 مارس/آذار، 1982)، قتل برصاصة في 10 يناير/كانون الثاني،القصرين.
•14- عيسى قريري، قتل برصاصة في 10 يناير/كانون الثاني، القصرين.
•15- بلقاسم غضباني، قال برصاصة في 10 يناير/كانون الثاني،القصرين.
•16- غيث نصري، قتل برصاصة في 9 يناير/كانون الثاني، القصرين.
•17- عبد الباسط قاسمي (مواليد 18 ديسمبر/كانون الأول، 1988)، قتل برصاصة في 10 يناير/كانون الثاني، القصرين.
•18- صلاح قرميطي، قتل برصاصة في 10 يناير/كانون الثاني، القصرين.
•19- عبد الرؤوف بوزيدي (مواليد 1982)، قتل برصاصة في 10 يناير/كانون الثاني، القصرين.
•20- رمزي بن الحبيب الحسين، قتل برصاصة في 8 يناير/كانون الثاني، القصرين.
صابر رطيبي (مواليد يونيو/حزيران 1987)، قتل برصاصة في 9 يناير/كانون الثاني، القصرين.•21-
شكر وتقدير
تشكر هيومن رايتس ووتش المحامين، الأطباء، العائلات، الشهود، المستشفيات، وموظفي المحاكم، وأيمن فقراوي من القصرين ورضا بوكادي والأسعد قلال عن جمعية عدالة وإنصاف على مساعدتهم لنا في أبحاثنا. تتحمل هيومن رايتس ووتش وحدها المسؤولية عن محتوى التقرير.
متوفر أيضاً باللغات:
Lien de l'article:
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire