وقد ورد، خلال العرض الذّي قدّمته الداخلية ابّان
المؤتمر الصحفي، اسم الشابّ رياض الورتاني مرفوقا بصورته وبعض البيانات الشخصية حوله حيث أكّدت الوزارة القاء القبض عليه بتاريخ 02 أوت عقب ورود معلومة استخباراتية تفيد بتخطيط “مجموعة ارهابية” لتنفيذ عمليات نوعية في مدينة سوسة تتمثّل في اغتيال (أو اغتيالات) وسلب لفرع بنكي باستعمال السلاح.
وقالت الداخلية بأنّ رياض الورتاني،30 سنة بحالة ايقاف، تكفّل خلال تلك العملية المجهضة بتأمين الجانب اللوجيستي حيث قام بتسويغ المنزل الذّي اختبأ فيه المدعو لطفي الزّين، بالاضافة الى تصنيفه رياض ضمن العناصر القيادية في ما يُسمّى بجهاز “االدعم والتنفيذ” أحد الأذرع الحيوية في تنظيم أنصار الشريعة -وفق رواية الداخلية- يضطلع بمهمّة الاسناد الاستعلامي واللوجيستي للعمليات الميدانية فضلا عن المشاركة في العمليات القتالية (اشتباكات الشعانبي، اغتيالات سياسية، تفجيرات …).
و ورد اسم رياض الورتاني في جهاز “الدعم والتنفيذ” الى جانب كلّ من لطفي الزين و بوبكّر الحكيم (المتّهمان بالارتباط بعمليّتي الاغتيال) علما أنّ الرسم البياني الذي أعدّته الداخلية أدرج جهاز “الدعم والتنفيذ” مباشرة تحت اسم كمال القضقاضي ما يُوحي بتلقّي هذا الجهاز لأوامر التحرّك مباشرة من القضقاضي.
Capture d’écran – vidéo de mayfootekchay.tv
رياض الورتاني : الوجه الاخر
في الحقيقة فانّ سلوك رياض الورتاني لم يكن، على مدى الأشهر المنقضية التي سبقت ايقافه، يعكس حجم التّهم المنسوبة اليه من قبل الداخلية اذ دأب على التنقّل بحريّة في منطقة الوردية الكبرى والصّلاة في جامع ديبوزفيل (حوالي 5 كلم عن وسط العاصمة) والاجتماع بمجموعة من شباب المنطقة بشكل علني دون أن تطاله أيادي الداخلية.
وبالرغم من حملة الايقافات الواسعة التي شنّتها مصالح الداخلية في صفوف شباب منطقة ديبوزفيل على خلفية
جريمة مقتل محافظ الشرطة محمد السبوعي (التي تمّ اعطاؤها طابعا دينيا) الّا أنّ رياض ظلّ بمنأى عن أيّ ضرب من ضروب الهرسلة والملاحقات الأمنية ولم يتمّ الاتيان على ذكر اسمه مطلقا في ملفّ الابحاث و التحقيقات الأمنية و القضائية وهو ما جعله يتحرّك بحُريّة (مع توخّي الحذر) وفق ما عاينّاه بأنفسنا خلال سلسلة من اللقاءات التي جمعتنا به في مواعيد متفرّقة (قبل الايقاف) في اطار
تحقيق ميداني حول المعالجات الأمنية التي ترتّبت عن جريمة مقتل السبوعي في ديبوزفيل.
و ما فتئ الورتاني يردّد خلال الحوارات التي جمعتنا به بأنّ :
“تونس أرض دعوة وليست أرض جهاد .. هذا ما عبّرت عنه مشايخنا بشكل واضح .. ولكنّ هذا الحاكم الطاغوت .. هذه السلطة التنفيذية التي لا تحكم بما أنزل الله تسعى الى جرّ شباب التيار السلفي الى العنف والقتال من خلال التضييق على العمل الدّعوي السّلمي و منع الخيمات القوافل الطبّية (…) أنّ أنصار السلفية الجهادية لا يردّون الفعل من تلقاء أنفسهم بل هم ملتزمون بما يصدر عن مشايخهم وقياداتهم وفي مقدّمتهم أبو عياض وأنّهم يفتدون قياداتهم بدمهم.”
اتّهامات مباشر للنهضة والنداء باختراق السلفية الجهادية
قبل فترة من عملية الايقاف التي تمّت بتاريخ 02 أوت حسب رواية الداخلية، تمكّن موقع “نواة” من اجراء حوار مع رياض الورتاني داخل جامع ديبوزفيل الذي يقع تحت سيطرة مجموعة شبابية راجعة بالنظر لتنظيم أنصار الشريعة.
وقد أمدّنا رياض بمعطيات على غاية من الأهمّية امتنعنا عن نشرها في الابّان على خلفية قرار صادر عن هيئة تحرير موقع “نواة” يقضي بضرورة مزيد الاشتغال على هذه المعطيات والتصريحات الموثّقة للتأكّد من مدى صدقيّتها.
واتّهم الورتاني (قدّم نفسه على أنّه أحد قيادي أنصار الشريعة في منطقة الوردية الكبرى) كلّا من حركة النهضة (قيادات من مجلس الشورى رفض كشف أسمائهم) وحركة نداء تونس ب :
“العمل في وقت سابق على اختراق تنظيم أنصار الشريعة بوجه خاصّ و تيار السلفية الجهادية بشكل عامّ من خلال ضخّ أموال طائلة بشكل مباشر وغير مباشر لتمويل عمليات تسفير “الجهاديين” الى سوريا ليس خدمة للجهاد بل
لأفراغ الساحة منهم “.
و ذكر محدّثنا أنّ التنظيم يملك تقارير وتسجيلات وشهادات موثّقة حول ما قال انّه:
” جلوس الحكومة المؤقتة بقيادة النهضة مع المخابرات البريطانية والفرنسية والايطالية والامريكية بالاضافة الى الموساد في تونس – مضيفا- هذه البلاد التونسية باتت مخترقة من أجهزة مخابرات أغلب الدّول الفاعلة نتيجة نهج التواطئ والعمالة الذي تسلكه الحكومة”.
وقد تسنّى لفريق “نواة” جمع شهادات مصوّرة لشباب من ديبوزفيل يؤكّدون تلقّيهم لمبالغ مالية من شخص ملتحي (تبيّن لاحقا وفق تحرّياتهم ورصدهم لتحرّكاته انتماؤه الى نداء تونس وتردّده على المكتب الجهوي لهذا الحزب بجبل الجلود)، بهدف تمويل عملية تسفيرهم ل”الجهاد” في سوريا.
الشخص الذي اتّهمه شباب أنصار الشريعة باختراقهم لحساب نداء تونس وقد تعرّفوا عليه في صورة مع قايد السبسي على الفايسبوك
و اضاف الورتاني في هذا السياق قوله انّ :
” حركة النهضة اخترقت السلفية الجهادية ماليا من خلال عدد من أعضاء مجلس الشورى الذّين دأبوا على ضخّ أموال عبر عديد الاطراف في التنظيم لتمويل أنشطته الجهادية”.
في مقطع الفيديو الثاني يتحدّث رياض الورتاني عن طبيعة تنظيم أنصار الشريعة وعن مستوى جهوزيته لخوض المعارك القتالية سواء في داخل تونس أو خارجها. ويكشف تماهي “أنصار الشريعة” مع تنظيم “جبهة النصرة” الناشط في سوريا، ويحذّر من مغبّة سعي السلطة الحالية الى اجتثاث “أنصار الشريعة” من خلال الصاق تهمة الارهاب بها :
“نحنا مانحبّوش حاليا نعملو حرب معاهم .. ولكن ان فُرضت علينا الحرب نسأل الله الثبات.. مُقبلين غير مُدبرين باذن الله .. نحن أصحاب حقّ .. الجنّة تنتظر والله هذه الدنيا نبيعها باذن الله .. ان هي الّا ميتة واحدة فلتكن في سبيل الله (…) ولكن نحن نلتزم حفاظا على أرواح شعبنا ومال شعبنا وعلى سلمنا الاجتماعي”
حوار و عمل صحفي :